Featured Video

بقلم الكاتب: الروائي توفيق عبيد اللوطي والضحية "قصة قصيرة"



اللوطي والضحية "قصة قصيرة"


الكاتب: الروائي توفيق عبيد



إنها قصة الطفل الضحية لؤى ... ضحية جريمة من أعظم الجرائم, وأقبح الذنوب, تدل على انتكاس الفطرة وضعف العقل وقلة الديانة, عاقب الله سبحانه وتعالى فاعليها بما لم يعاقب به أمة من الأمم ... جعل عاليها سافلها وأمطر عليهم حجارة من سجيل.

أسرة أبو لؤي أسرة سعيدة مستقرة لها من الأبناء ولدان وبنتان أكبرهم لؤي في الصف الثاني الابتدائي.. حوالي ثمانية أعوام.

لؤي أبيض البشرة, أشقر الشعر, أزرق العينين, أحمر الخدين, ذهب الي مدرسته في الصباح وحين عودته ظهراً قابله جارهم الحلاق ... مألوف الوجه, معروف في الحارة, طلب منه مرافقته للصلاة ظهراً, ذهب به الى المسجد ...استدرجه الى أحد الحمامات وفي المتوضأ أجبره تحت التخويف والتهديد ... بالقوة خلع ملابسه واغتصبه... لوط به غصباً !!! أشبع غريزته الحيوانية المريضة ثم شعر بالانتعاش وهدد الطفل ألاّ يتحدث أو يتفوه بأي كلمة والا قتله... جرد عليه مسدسه الشخصي وصوبه الى منتصف رأسه قائلاً:

- سأقتلك لو تفوهت بأية كلمة !!! تأخر لؤي عن البيت, افتقدته أمه, ووالده كان في عمله, ذهبت الأم الى جده وهي مضطربة وحكت له عن قلقها عن ولدها, اجتمع أعمامه وتفرقوا يبحثون عن لؤي, عصراً عاد لؤي الى البيت مطأطئ الرأس, شاحب الوجه, دموعه على خده, سأله جده:

- أين كنت يا لؤي؟

لم يُجِب ... الصدمة أسكتته والخوف أفقده النطق.

سألته أمه :

- لماذا تأخرت يا لؤي؟

لم يجب... تمترس خلف جدران الصدمة وأبحر في خوفه واختفى بيت ثنايا صمته الحزين

أخذته أمه الى البيت وحاولت استدراجه في الكلام و كن دون جدوى. في المساء عاد والده من عمله, حاول استدراجه واستنطاقه ولكن المحاولات كلها باءت بالفشل .

زارتهم الجارة أم أحمد ... جارتهم قريبة منهم و تحب لؤى و يلعب دائماً مع اولادها الذين هم في مثل سنه , أخذته الى بيتها ... أخذت تتودد اليه و تكلمه بحنان ...

قالت له إنها لن تقول لأحد و لن تخبر أحد بسره ,بعد جهد جهيد ومحاولات كثيرة فاشلة , أخبرها لؤى بما حدث معه , الجارة أخبرت الأم ومن ثم انتقل الخبر الى والده وأعمامه وجده .!!

ثارت حمية هذه العائلة و أخذوا يتوعدون و يهددون و ذهبوا جميعاً الى بيت الحلاق ,

وجدوا الحلاق مستلقٍ على الأريكة ويتفرج على التلفاز ويشرب الشيشة وينفث الدخان و يحلق في سماء المتعة.

أخذوا يستفسرون عما فعله بابنهم ... اعترف بانه الفاعل ... قالوا له :

- سنبلغ الشرطة !!

- إذا بلغتم الشرطة ستندمون !! ولن تبقوا في هذه المنطقة ... و إذا أردتم أن تبقوا في بيتكم لا تبلغوا الشرطة و قفلوا على الموضوع !!

- صاحوا جميعاً سنبلغ ... بل سننتقم !!

- أعلى ما في خيلكم إركبوه !!

رجعوا الي البيت للتفكير و التشاور فيما سيفعلون في مأزقهم. لكن الحلاق لم يسكت واتصل بعمه أبو البراء الذي يتبوأ مركزاً مرموقاً في الحكومة واتصل بابن عمه أبو جعفر القائد في كتائب عسكرية تسد عين الشمس... حشد عشرات المسلحين ونشرهم قبالة بيت الحلاق وتوجه أبو البراء الى بيت أبو لؤي وخاطبهم قائلاً:

- يا إخوان الموضوع موضوع عرض وشرف ناس!! والصحيح أن نلم الموضوع ونستعين عليه بالسر والكتمان... يا إخوان الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها...

صاح أبو لؤي.. أتريدنا ان يُهتك عرضنا ونُغتصب ونسكت ؟!! أن نبتلع الحسرة والصدمة ونقول: سماح ... المسامحين غلبوا الصالحين !!

- أنتم الضعفاء ونحن الأقوياء !! عليكم ببيع البيت والرحيل وأداً للفتنة !!! قذف أبو البراء بهذه الكلامات في وجوه خصومه ... في وجه ضحيته وانصرف !!

ثارت أم لؤي كلبوة جريحة ترى في شبلها لقمة سائغة لأنياب الضباع ... ابنها تلتهمه الصدمة و يلفه الذهول , يهرب الى النوم الكثير ... يصرخ أثناء النوم وسرعان ما تتلقفه اليقظة بمأساتها وذكراها الأليمة ... تفيض عيناه بالدمع وما يلبث أن يعاود الخلود للنوم... أخذت أم لؤي تصرخ ... لا بد أن ينال من هَتك عِرض ابني جزاءه ... لا ... لا لن يفلتوا من العقاب!!

خرج أبو لؤي يتفقد إخوانه ووالده بالجوار ويستطلع الأخبار ... جاءته أخبار عسكرة باب الحلاق ... عاد مطأطئ الرأس وكتب على جدار بيته الخارجي " دار للبيع" ودلف الى البيت فسقط نظره على حطام لؤي ... و أخبر زوجته بالوضع ... سقطت مغشياً عليها ... نقلوها الى المستشفى ... كشف عليها طبيب الطوارئ ... الحالة تعرضت لنوبة قلبية حادة ... قال الطبيب : عظم الله اجركم !!!

خرج أبو لؤي من المستشفى يحدث نفسه ببيع الدار وشراء أسلحة ... رصاص ... قنابل ... موت ... قتلى ... وجرحى ... لكن هاجس في داخله كان يصرخ ... ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب!!!

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...